مجلس الشورى يناقش "دور الوالدين في تربية الأبناء"

10 نوفمبر 2025




عقد مجلس الشورى اليوم جلسته الأسبوعية العادية في "قاعة تميم بن حمد" بمقر المجلس، برئاسة سعادة السيد حسن بن عبدالله الغانم، رئيس المجلس.
وفي بداية الجلسة، أشاد مجلس الشورى بنجاح القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية التي استضافتها البلاد الأسبوع الماضي، مؤكدًا أن هذا النجاح يبرز حرص حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى "حفظه الله ورعاه"، على ترسيخ مكانة الدولة في دعم الحوار الدولي وتعزيز التنمية الشاملة.
ورحب المجلس بـ "إعلان الدوحة " الصادر عن القمة، مؤكدًا أنه يشكّل مرتكزًا أساسيًا لتعزيز مسارات التنمية الاجتماعية وتحقيق التنمية المستدامة في مختلف المجتمعات، معربًا عن تقديره للتنظيم المتميز والمخرجات البناءة التي أسفرت عنها القمة، وما أبرزته من أهمية الاستثمار في الإنسان بوصفه محور التنمية وغايتها، مشيرًا إلى أن استضافة هذا الحدث العالمي تجسد ما توليه قطر من اهتمام راسخ بالبعد الإنساني للتنمية ودعم الجهود الدولية لتحقيق مستقبل أكثر استدامة وعدالة.
بعد ذلك تلا سعادة السيد نايف بن محمد آل محمود، الأمين العام للمجلس، جدول أعمال الجلسة، كما صادق المجلس على محضر جلسته السابقة.

واستعرض المجلس خلال الجلسة، طلب المناقشة العامة الذي تقدم به عدد من أصحاب السعادة الأعضاء، حول "أهمية دور الوالدين في تربية الأبناء".
وضمن هذا الإطار، نوه سعادة السيد حسن بن عبدالله الغانم، رئيس مجلس الشورى، بما تشهده دولة قطر في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى "حفظه الله ورعاه"، من نهضة شاملة وتطور متسارع في مختلف المجالات، مؤكدًا أن هذه المسيرة التنموية المباركة تنسجم مع رؤية قطر الوطنية 2030، التي جعلت الإنسان محور التنمية وغايتها، وتعكس توجه سموّه نحو بناء الإنسان القادر على مواكبة التطور والانفتاح على العالم، والمتمسك في الوقت ذاته بقيمه وهويته الوطنية الراسخة.
وأضاف سعادته أن هذا التطور الكبير، رغم ما يحمله من فرصٍ واعدة، يفرض في المقابل مسؤولية أكبر على الأسرة، ولا سيما الوالدين، في القيام بدورهما التربوي المباشر، لما له من أثر بالغ في تنشئة الأجيال وتنمية وعيهم الوطني والأخلاقي، وترسيخ القيم التي تصون المجتمع من مظاهر السلبية والاتكالية وتغرس روح العمل والمسؤولية والانتماء.
وأشار سعادته إلى ما أكده حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى في خطابه بافتتاح دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي الثاني لمجلس الشورى، من أن بلادنا "تنتقل إلى مرحلة جديدة من حيث حجم الاقتصاد وحجم الدور، وللتطور مقتضياته، وتتطلب المرحلة الارتقاء بدور المواطن وإدراكه لمسؤولياته"، موضحًا أن هذه الرؤية السامية تؤكد أن الأسرة هي الحاضنة الأولى لبناء الإنسان، وأن الوالدين يتحملان الدور الأهم في إعداد جيلٍ واعٍ بواجباته، متمسكٍ بهويته، ومنفتحٍ على معارف العصر بقيمٍ راسخةٍ وروحٍ متوازنة.
وشدد سعادة رئيس مجلس الشورى على أن الارتقاء بالإنسان وقيمه يبدأ من البيت، حيث تتشكل الشخصية وتُغرس المبادئ، مشيرًا إلى ما نص عليه الدستور القطري في المادة (22) من أن الأسرة هي أساس المجتمع، وأن الدولة تكفل حمايتها وتوفير البيئة الملائمة لنمو أفرادها وتنمية قدراتهم لخدمة الوطن والمجتمع.

من جانبهم، أكد أصحاب السعادة أعضاء المجلس أهمية تعزيز دور الوالدين في تربية الأبناء، مشيرين إلى أن ازدياد الاعتماد على المربيات في المنازل قد انعكس بشكل مباشر على العملية التربوية وسلامة الأطفال النفسية والسلوكية.
ونوّه الأعضاء بضرورة رفع الوعي المجتمعي بأهمية التربية الأسرية، وحث الوالدين على القيام بدورهما التربوي المباشر لتوفير بيئة أسرية صحية ومستقرة لأبنائهم، مؤكدين أن الأسرة هي النواة الأولى في بناء المجتمع، وأن تماسكها ينعكس إيجابًا على استقراره وتنميته.
وأشار الأعضاء إلى أن التطور التقني الحديث، رغم ما أتاحه من وسائل رفاهية، أسهم في تغيير أنماط التفاعل الاجتماعي داخل الأسرة، حيث يقضي الأطفال وقتًا أطول في استخدام الأجهزة الذكية على حساب التواصل الأسري المباشر، الأمر الذي يستوجب ترشيد استخدام التكنولوجيا وتعزيز الرقابة الإيجابية لضمان توازن التنشئة والمحافظة على القيم الاجتماعية الأصيلة.
وتطرّق الأعضاء إلى مظاهر ضعف التواصل بين الوالدين والأبناء وتراجع نقل القيم الاجتماعية والدينية، مؤكدين أن المحافظة على القيم الأسرية الأصيلة تمثل التحدي الأكبر في ظل حياة الرفاه، وأن تحقيق التوازن بين متطلبات الحياة الحديثة ومقتضيات الهوية الوطنية يستلزم تعاونًا بين الأسرة والمدرسة والإعلام لترسيخ مفاهيم المسؤولية والانتماء والولاء.
وأكدوا أن مناقشة التربية الأسرية في سياق التحولات التي يشهدها المجتمع القطري تكتسب أهمية خاصة، سواء من حيث أنماط الحياة الحديثة أو التغير في القيم الأسرية أو استخدام التقنيات في الحياة اليومية، مشيرين إلى أن الأسرة تبقى الركيزة الأساسية لبناء الإنسان القادر على الإسهام في نهضة وطنه.
وشدّد الأعضاء على أهمية إطلاق حملات وطنية للتوعية والتثقيف بدور الأسرة في التنشئة الاجتماعية، ودعوا إلى أن تشمل هذه الجهود المناهج التعليمية من خلال التركيز على القيم الدينية والوطنية، وإشراك الوالدين في عملية التعليم، وإدراج الدروس التي تنمي الاعتماد على الذات والمهارات الحياتية الأساسية منذ المراحل المبكرة.
كما دعوا إلى وضع سياسات تنظيمية تراعي التوازن بين الاستفادة من خدمات المربيات المنزلية والحفاظ على الدور الفاعل للأسرة القطرية، مع التأكيد على الوعي بالمخاطر المحتملة الناجمة عن غياب الرعاية المباشرة من الوالدين، وضرورة تمكين الأم من أداء دورها الأساس في التربية والإشراف على الأطفال لضمان بيئة آمنة وصحية.
وأشار الأعضاء إلى أهمية دور مؤسسات الدولة في وضع سياسات تدعم هذا التوجه، من خلال تنظيم برامج ودورات تدريبية عبر الوزارات المعنية، مثل وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة، لتأهيل الأمهات ونقل المهارات والخبرات للأجيال القادمة، وتقليل الاعتماد المفرط على المربيات، إضافة إلى وضع ضوابط تتعلق بجلب المربيات.
وأكدوا كذلك على الدور المحوري لوسائل الإعلام في توعية المجتمع وتعزيز القيم الأسرية، داعين إلى تفعيل دور الإعلاميين ورواد منصات التواصل الاجتماعي لتسليط الضوء على أهمية دور الأسرة في تنشئة الأبناء والاهتمام بهم وعدم ترك مسؤولياتهم الجوهرية للمربيات والخدم.
كما أكد أعضاء المجلس على أهمية تكامل الجهود بين الجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني لتوحيد الرؤى وتعزيز العمل المشترك في مجال التنشئة الاجتماعية، بما يحقق الهدف المنشود في بناء أسرة قطرية قوية ومتماسكة قادرة على إعداد جيلٍ واعٍ، متمسكٍ بقيمه وهويته، ومسهمٍ في تنمية وطنه.
وبعد مناقشاتٍ مستفيضةٍ عكست حرص الأعضاء على تعزيز دور الوالدين في القيام بمسؤولياتهما التربوية، والاهتمام بمعالجة التحديات التي قد تحدّ من قيامهما بهذا الدور الحيوي في تنشئة الأبناء، قرر المجلس إحالة طلب المناقشة العامة إلى لجنة الشؤون الاجتماعية والعمل والإسكان، لدراسته ورفع تقريرها بشأنه إلى المجلس.

حضر الجلسة عددٌ من ممثلي الجهات والمراكز المعنية بالأسرة، إلى جانب عدد من كتّاب الرأي والمهتمين بالشأن الاجتماعي والتربوي.