رئيس مجلس الشورى يشدد على الحاجة لتفعيل دور البرلمانات لإعادة الثقة بين الأمم

15 أكتوبر 2019




شدد سعادة السيد أحمد بن عبدالله بن زيد آل محمود رئيس مجلس الشورى على أن هناك حاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى لتفعيل دور البرلمانات وتعزيزه من أجل إعادة الثقة بين الأمم، وبوجه خاص دور الاتحاد البرلماني الدولي لما يتميز به الاتحاد من مساواة بين جميع أعضائه، دون تمييز ولا تفضيل فيه لدول تمتلك حق النقض لإجراء إصلاحات على المنظومات الإقليمية والدولية التي لا تحقق العدل والمساواة ولا تردع المعتدين.

جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها سعادته اليوم أمام اجتماعات الجمعية العامة الـ141 للاتحاد البرلماني الدولي والاجتماعات المصاحبة لها المنعقدة في العاصمة الصربية بلغراد تحت عنوان "تعزيز التعاون الدولي: الأدوار والآليات البرلمانية ومساهمة التعاون الإقليمي".

وقال سعادته، إن الدول التي خرجت من الحرب العالمية الثانية اتفقت على إنشاء نظام قانوني دولي يهدف إلى حفظ السلم والأمن الدوليين وإلى تجنيب العالم ويلات الحروب وشرور النزاعات، وتعهدت بالالتزام به وبدعم الهيئات التي أنشئت لتطبيقه، مشيرا إلى أن الاحتفال بمرور الذكرى الثلاثين بعد المئة للاتحاد البرلماني الدولي يعتبر مناسبة لتقييم التزام الأمم بالقانون الدولي والبحث عن وسائل ناجعة لمواجهة التحديات التي تواجه الأمم اليوم وأخطرها تراجع دور القانون الدولي في العلاقات الدولية وغياب ثقافة الحوار بين الحكومات والشعوب.

وأضاف أنه من خلال استعراض بعض حالات انتهاك القانون الدولي في منطقتنا تبرز الحاجة لتعزيز القانون الدولي ودور البرلمانات والمنظمات الإقليمية في دعمه.

وقال "كما هو معلوم تعاني منطقتنا من انتهاكات الكيان الإسرائيلي المستمرة منذ إنشائه عام 1948م لكافة القرارات الأممية، ويتعين على المجتمع الدولي الدفع نحو استئناف مفاوضات سلام تفضي إلى إقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".

ولفت سعادته إلى أنه يمكن للبرلمانيين القيام بدور حيوي في تهيئة الأجواء نحو إجراء مفاوضات مباشرة ومن خلال إيفاد مندوبين عن البرلمانات للوقوف على آثار الاحتلال والحصار والإجراءات التعسفية، وحث الحكومات على دعم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين /الأونروا/ وتقديم المساعدات للفلسطينيين.

كما أشار سعادة رئيس مجلس الشورى إلى أن منطقتنا تشهد أيضا صورة من الانتهاكات للقانون الدولي الإنساني جراء الحروب والنزاعات بسبب الخلافات العقائدية والتهميش وانتشار الحركات المسلحة والمتطرفة، حيث يمكن للبرلمانات والمنظمات البرلمانية الإقليمية والدولية أن تضطلع بدور فاعل في هذا المجال.

وقال إنه يمكنهم حث حكوماتهم لتقديم الدعم والعون الإنساني للاجئين والنازحين وضحايا الحروب، وإيفاد مبعوثين للقيام بوساطات ومساع حميدة بين الأطراف المتنازعة، والمساعدة في تحقيق السلام وتنفيذ إجراءات العدالة الانتقالية وإعادة النازحين لمواطنهم وتعمير المناطق المتأثرة من الحروب.

وتحدث سعادته عن أن المنطقة في الخليج تشهد وضعا متأزما ومتوترا يهدد بوقوع كوارث في هذه المنطقة الحيوية الهامة.

وجدد قلق دولة قطر إزاء هذه التوترات، وقال "دولة قطر لا ترجو حدوث أي تصعيد عسكري في المنطقة وقد ظلت قطر تنادي بوقف الحروب والصراعات في المنطقة والقضاء على أسبابها وحل أي خلاف بالحوار، والالتزام بمبادئ القانون الدولي الإنساني"، داعيا البرلمانات أن تحث حكوماتها على الإعراب عن قلقها والمعاونة على نزع فتيل التوترات في المنطقة.

ولفت سعادة السيد أحمد بن عبدالله بن زيد آل محمود رئيس مجلس الشورى إلى خطر آخر يهدد الاستقرار والأمن الجماعي والمتمثل في الإفرازات السالبة للتقنية الحديثة ومن ضمنها التهديدات الأمنية السيبرانية غير التقليدية مما أصبح يشكل خطرا على الأمن والسلم الدوليين .

وأوضح أن دولة قطر قد تضررت وغيرها من الدول من القرصنة والتجسس الرقميين، ومن سوء استغلال بعض الدول للتقنيات والعلوم الحديثة في ظل عدم وجود مؤسسات وتشريعات دولية واضحة تنظم هذا المجال الخطير والحيوي وتعاقب مرتكبي الجرائم العابرة للحدود فيه.

وشدد سعادته في هذا الاطار على أنه يمكن للبرلمانات اتخاذ تدابير بناء الثقة في وضع السياسات ومبادرات بناء القدرات، وحث الحكومات على المطالبة بإقامة مؤتمر دولي حول الأمن السيبراني وحرية استخدام التقنية الرقمية للتقنين بشأن حرية استخداماتها، من خلال مواصلة دعم الدعوة التي أطلقها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في الدورتين الثانية والسبعين والثالثة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة لتنظيم واستضافة مؤتمر دولي حول الأمن السيبراني.

كما نبه سعادته إلى وجود صور أخرى عديدة من انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي تقع بدعوى محاربة الإرهاب دون سند ولا شفافية ودون رعاية أممية.

وأشار إلى أن انتهاك بعض الأنظمة والكيانات الحاكمة في عدد من الدول لحقوق المواطنين ومصادرة حرياتهم بحجة محاربة الإرهاب، ما هو إلا نتيجة لعدم احترام للقوانين الدولية وحقوق الإنسان.

وشدد في هذا الاطار على موقف دولة قطر الثابت برفض كافة أشكال الإرهاب وصوره، مهما كانت الأسباب والذرائع ومعالجة جذوره، وتجفيف منابعه من خلال نشر التعليم وتوفير فرص العمل للشباب، ومن خلال دعم أجهزة الأمم المتحدة وإطلاق المبادرات لتعليم ملايين الأطفال وتوفير فرص العمل للشباب.

وشدد على دور البرلمانات والمنظمات الإقليمية في أن تلعب دورا في محاربة العنف والتصدي لهذه الظاهرة، من خلال المطالبة بتوحيد المعايير في مكافحة الإرهاب واعتماد تعريف لا يقوم على الانتقائية وفقا لهوية الفاعل الدينية أو الإثنية، وعدم تفصيله وفقا للمصالح الضيقة أو لأجندة خفية لبعض الدول.

وفي معرض حديثه عن اجتماعات الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي، أكد سعادته على أهمية هذه الدورة التي تتزامن مع احتفال الاتحاد البرلماني الدولي بمرور العام الثلاثين بعد المئة، مشيرا إلى أن موضوع هذه الدورة الجوهري يعتبر أحد الأسس التي قام الاتحاد البرلماني الدولي عليها.

ونوه سعادته بجميع الوفود التي شاركت في اجتماعات الجمعية العامة الأربعين بعد المئة للاتحاد البرلماني الدولي التي استضافتها دولة قطر خلال شهر إبريل الماضي، مشيدا بمساهمتهم القيمة التي كان لها الفضل في نجاحها المشهود.

كما لفت سعادة رئيس مجلس الشورى إلى اختيار موضوع التغير المناخي کبند طارئ لهذه الدورة يعتبر هاما وقته ونتائجه، مبينا أن حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، كان قد أعلن في القمة الدولية للتغير المناخي بمقر الأمم المتحدة بنيويورك مؤخرا عن تبرع دولة قطر بمبلغ مئة مليون دولار لدعم الدول الجزرية الصغيرة والدول الأقل نموا من أجل دعم الجهود في مكافحة الآثار الضارة للتغير المناخي.

وأعرب سعادته في ختام كلمته، عن شكره لجمهورية صربيا الصديقة حكومة وبرلمانا وشعبا، ولسعادة السيدة مايا كوشكوفيتش، رئيسة الجمعية الوطنية في جمهورية صربيا على الدعوة الكريمة وحسن الوفادة والاستقبال وجودة الإعداد والتنظيم لأعمال هذه الاجتماعات الهامة.