رئيس مجلس الشورى: قطر تنتهج مقاربة شاملة لمكافحة الإرهاب ترتكز على التنمية والعدالة واحترام القانون الدولي

07 أكتوبر 2025




أكد سعادة السيد حسن بن عبدالله الغانم، رئيس مجلس الشورى، أن دولة قطر، بقيادة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى "حفظه الله ورعاه"، تنتهج مقاربة شاملة في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، ترتكز على معالجة جذور هذه الظاهرة من خلال التنمية والعدالة واحترام القانون الدولي، موضحًا أن قطر جعلت من دعم التعليم وتمويل برامج التنمية وتوفير فرص العمل للشباب في مناطق الأزمات أولويةً أساسية في جهودها لمواجهة الفكر المتطرف.

جاء ذلك في كلمة سعادته خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر البرلماني العالمي حول مكافحة الإرهاب ومنع التطرف العنيف، الذي تستضيفه مدينة إسطنبول، بمشاركة عدد من رؤساء البرلمانات والمجالس التشريعية وممثلي المنظمات الدولية.

وأكد سعادة رئيس مجلس الشورى أن الاجتماع ينعقد في وقتٍ دقيقٍ تتزايد فيه الحاجة إلى توحيد الجهود وتعزيز الأمن والسلم الدوليين، والتعاون لمواجهة آفة الإرهاب التي تهدد استقرار المجتمعات وتقوض فرص التنمية.

وأشار إلى أن دولة قطر تتبنى سياسة راسخة في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، تقوم على عدم الاكتفاء بالجوانب الأمنية وحدها، بل تمتد إلى معالجة العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تفضي إلى التهميش والإقصاء، باعتبارها البيئة التي ينمو فيها الفكر المتطرف.
ولفت سعادته إلى أن الدوحة تستعد، ضمن جهودها في دعم التنمية المستدامة وتعزيز العمل البرلماني الدولي، لاستضافة القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية في شهر نوفمبر المقبل، والتي ستتضمن منتدىً برلمانياً يُعقد بالشراكة بين مجلس الشورى والاتحاد البرلماني الدولي تحت عنوان "الاستثمار في الأفراد والمؤسسات: دور البرلمانيين في التنمية الاجتماعية". وأوضح أن المنتدى سيمثّل منصةً برلمانيةً لتبادل الخبرات والتجارب ومناقشة السياسات والتشريعات الداعمة للتنمية الاجتماعية، بما يعزّز دور البرلمانات في النهوض بالمجتمعات وبناء القدرات البشرية والمؤسسية.

وأكد سعادته على أن ما تشهده المنطقة من ممارسات الاحتلال الإسرائيلي يعكس وجهًا آخر للإرهاب، مشيرًا إلى أن قوات الاحتلال ارتكبت مجازر دامية في قطاع غزة راح ضحيتها عشرات الآلاف من الأبرياء، بينهم أطفال ونساء وشيوخ، في انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية والقيم الإنسانية.

وأوضح أن العدوان الإسرائيلي امتد ليطال دولة قطر التي تقوم بالوساطة، وترعى الجهود الدولية الهادفة إلى وقف إطلاق النار وإنهاء معاناة المدنيين في قطاع غزة، مشددًا على أن استهداف الوفد المفاوض في موقع مدني آمن في الدوحة يضم مدارس وسفارات يمثل إرهاب دولة وتهديدًا مباشرًا لأرواح المدنيين، وانتهاكًا واضحًا للقانون الدولي والأعراف الدبلوماسية.

وأكد سعادته أن الصمت عن مثل هذه الانتهاكات يشجع على إفلات الجناة من العقاب ويقوّض منظومة القانون الدولي، مشيرًا إلى أن السياسات التعسفية للاحتلال لا تهدد الأمن والسلم الدوليين فحسب، بل تسهم في تغذية بيئة خصبة لانتشار العنف والتطرف، وتفاقم حالة عدم الاستقرار في المنطقة والعالم.

ودعا سعادة رئيس مجلس الشورى المجتمع الدولي وجميع البرلمانات إلى تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية، وإدانة هذه الجرائم، ومساءلة إسرائيل ومحاسبتها، والعمل على تعليق عضوية الكنيست الإسرائيلي في المنظمات البرلمانية الإقليمية والدولية إلى حين التزامها بالقانون الدولي ومبادئ الشرعية الدولية، لا سيّما بعد التصريحات التي نشرها رئيس الكنيست والتي اعتبر فيها العدوان "رسالة للشرق الأوسط"، في تحدٍّ سافرٍ للمجتمع الدولي وللقيم البرلمانية.

وأكد سعادته أن دولة قطر وضعت مكافحة الإرهاب في صدارة أولويات سياستها الخارجية من خلال انخراطها الفاعل في التحالفات الدولية، ومساهمتها في صياغة الاستراتيجيات العالمية، ودعم البرامج التنموية التي تعالج الأسباب العميقة للإرهاب، مشيرًا إلى أن الدوحة تستضيف المكتب المعني بالمشاركة البرلمانية في منع الإرهاب ومكافحته بالشراكة مع الأمم المتحدة، والذي يعد منصة جامعة للبرلمانات من مختلف أنحاء العالم لتنسيق الجهود البرلمانية الدولية وتنظيم المؤتمرات والندوات وورش العمل التي تعزز التعاون التشريعي والرقابي في هذا المجال.

ودعا سعادته البرلمانات الوطنية والجمعيات البرلمانية الإقليمية والاتحاد البرلماني الدولي إلى تكثيف جهودها والتنسيق الوثيق مع المكتب المذكور دعمًا لبرامجه وأهدافه، وتفعيلًا لدوره في بناء شراكات عملية تسهم في تحقيق الأمن والسلم الدوليين وترسيخ قيم العدالة واحترام حقوق الإنسان.

وفي ختام كلمته، تطلع سعادة السيد حسن بن عبدالله الغانم، رئيس مجلس الشورى، إلى أن يسفر المؤتمر عن نتائج فاعلة في مواجهة الإرهاب والتطرف العنيف، من خلال التوافق على تعريف دولي جامع ودقيق للإرهاب، يضع حدًا للخلط بين كفاح الشعوب المشروع ضد الاحتلال باعتباره حقًا أصيلًا، وبين الأعمال الإرهابية التي تمارسها بعض الدول والتنظيمات، مؤكدًا أن وحدة الكلمة البرلمانية تبقى السبيل الأنجع لتعزيز التعاون الدولي وتحقيق الأمن والسلم وصون مستقبل الأجيال القادمة.

من جانبه أكد سعادة البروفيسور نعمان كورتولموش، رئيس مجلس الأمة التركي الكبير، في كلمته، على عمق العلاقات الأخوية والتعاون الاستراتيجي بين قطر وتركيا، مشيدًا بجهود مجلس الشورى في مكافحة الإرهاب وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال، مشددًا على أن الإرهاب ظاهرة إنسانية معقدة لا يمكن لأي دولة مواجهتها منفردة، بل تتطلب عملاً جماعيًا وتنسيقًا دوليًا شاملًا. 
كما انتقد ازدواجية بعض الدول التي تدّعي محاربة الإرهاب فيما تدعمه عبر "حروب الوكالة"، مشيرًا إلى أن أخطر صور الإرهاب هي إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في ظل صمت المجتمع الدولي. وختم بالإشارة إلى تجربة تركيا في مواجهة الإرهاب، مؤكدًا أنها نموذج يمكن تقاسمه مع الدول الأخرى.
ويُنظَّم المؤتمر بالشراكة بين مجلس الشورى ومكتب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب المعني بالمشاركة البرلمانية في مكافحة الإرهاب ومنعه، (مقره الدوحة)، بالتعاون مع مجلس الأمة التركي الكبير ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب.
ويهدف المؤتمر إلى تعزيز دور البرلمانات في دعم الأطر التشريعية والرقابية الخاصة بمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، وتنسيق الجهود بين البرلمانات والمنظمات الدولية المعنية في صياغة سياسات متكاملة تستند إلى احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان.
ويتضمن جدول أعمال المؤتمر جلسات نقاشية تبحث قضايا متعددة، من أبرزها غياب التعريف الدولي الموحد للإرهاب وتداعياته، والعلاقة بين الإرهاب والجريمة المنظمة، وأثر الاحتلال والنزاعات المسلحة في تغذية التطرف، إضافةً إلى محاور تتعلق بدور الرقابة البرلمانية في تعزيز الشفافية، وضمان التوازن بين الأمن وحماية الحقوق والحريات العامة، وصولاً إلى اعتماد بيان ختامي يضم توصيات عملية لتطوير الاستراتيجية الأممية المقبلة لمكافحة الإرهاب.